الشبكات الاجتماعية: ماهيتها ومفهومها

مقدمة:

الشبكات الاجتماعية من المفاهيم التي لها جذور عميقة في علم الاجتماع تطورت مع تطور المجتمعات والتقنيات وشبكات الاتصالات. وهي من الأمور التي لها ارتباط وثيق بعملية الاتصال الإنسانية بين الأفراد أنفسهم او المنظمات، فبالتالي بدأ دراسة الشبكات الاجتماعية بدراسة العلاقات بين الناس وتفاعلاتهم مع بعضهم البعض.

بالتالي فكرة الشبكات الاجتماعية ليست بالفكرة الحديثة، وإنما تضرب بجذورها إلى القرن الثامن عشر. إلا أن مفهومها اتضح في بدايات القرن العشرين بين علماء الاجتماع. (هارون، 2015)

ومع تقدم التقنية وتطور أدواتها توسعت دائرة العلاقات والتفاعل الاجتماعي الى الشبكات الاجتماعية الافتراضية وهي ما تسمى بشبكات التواصل الاجتماعي او وسائل التواصل الاجتماعي في مفهومه الحديث. حيث ظهرت مئات من المواقع التي استخدمت شكل الشبكات المجتمعية أساسا في بنائها.

وبذلك تعتبر الجماعات الافتراضية شكلا من أشكال الحياة الاجتماعية الجديدة، التي يراها البعض في واقع الأمر نقلا دقيقا للجماعات المادية من الواقع إلى شبكة الإنترنت، على الرغم من اعتمادها بقوة على تكنولوجيا الاتصال والمسافات البعيدة بين المشاركين فيها. (حدادي وليدة، 2015).

ويرجع بداية ظهور الشبكات الاجتماعية بمفهومها الحديث الى عام (1995م)؛ حيث لم تكن بالشكل الظاهر لنا حالياً، وبدأت وسائل التواصل الاجتماعي بدايتها الحقيقية في الظهور في عام (2005م) الذي شهد ظهور أوائل شبكات التواصل الاجتماعي، وأكثرها شهرة؛ مثل الفيس بوك، (معتوق، 2017) وتعد وسائل التواصل الاجتماعي من ضمن مواقع الجيل الثاني للويب (2.0)، وقد اخذت التسمية مفهومها من بناء المجتمعات (حسين، 2016).

عناصر بناء الشبكة الاجتماعية:

يذكر (بيرنيس أ. بيسكوزوليدو، 2020). بأن هناك ثلاث عناصر رئيسية لابد من توافرها لبناء الشبكة الاجتماعية، ولا بديل عن وجودها؛ وهي: (الفاعلين – الجهات الفاعلة)، (العلاقات)، (والروابط) معاً في نسق تنظيمي بسيط أو معقد.

تعريف الشبكات الاجتماعية من وجهة نظر علم الاجتماع:

(مارسدن؛ 2000: 2727). في دراسة بيرنيس. ” هي علاقات الترابط بين النشطاء الاجتماعيين “.

(فاصرمان وفاوست؛ 1994). في دراسة بيرنيس. ” مجموعة من النشطاء والعلاقات التبادلية بينهم “.

بينما يذكر (الشدي، 2010). بأن ” الشبكة الاجتماعية هي كشف لخارطة العلاقات بين العناصر (أفراد، منظمات، دول..)، حيث توضح الشبكة مختلف الطرق التي يترابط بها العناصر، سواء كان ذلك عن طريق علاقات الصداقة، الحاجة للمعرفة، الموقع التنظيمي وتوزيع الأدوار أو الروابط الأسرية “.

اذاً الشبكات الاجتماعية من وجهة نظر علم الاجتماع تركز على العلاقات الشخصية وطبيعة تلك العلاقات والروابط التي تربط بينها.

لو تحدثنا عن الشبكات الاجتماعية بمفهومها الحديث نجد ان:

تعريف شبكات التواصل الاجتماعي:

يعرفها (سوار الذهب، 2012: 40) بأنها: ” عبارة عن مواقع ويب (Websites) تتيح لمستخدميها التواصل فيما بينهم وذلك عن طريق المحادثات الفورية (Chat) والرسائل الخاصة والبريد الالكتروني (Email)، كما تتيح لهم مشاركة الصور والفيديو والملفات وتبادل المعلومات، وتمكنهم أيضاَ من تشكيل مجموعات، أو ما يعرف بالـ (Groups) حيث يجمع بين أعضاء هذه المجموعات اهتمامات مشتركة “.

بينما تعرفها (عبادة، 2016) بأنها: ” صفحات الويب الموجودة على الانترنت والتي تسهل التواصل والتفاعل النشط بين الأعضاء المشتركين فيها عبر مختلف مناطق العالم إضافة الى العديد من الخدمات الأخرى التي تشمل خدمات المراسلة الفورية مشاهدة وتبادل الفيديوهات، الدردشة، تبادل الملفات، مجموعات النقاش، البريد الالكتروني، المدونات … إضافة الى العديد من الخدمات الأخرى كمشاركة الاهتمامات وتكوين الصداقات وإقامة الصفقات وغيرها من اشكال التفاعل التي تتم داخلها “.

آلية عمل الشبكات الاجتماعية:

يذكر (ادريس، 2014) بأن الفكرة الرئيسية للشبكات الاجتماعية تقوم على جمع بيانات الأعضاء المشتركين في الشبكة ويتم نشر هذه البيانات علناً على الشبكة حتى يتجمع الأعضاء ذوي المصالح المشتركة والذين يبحثون عن الملفات والصور اعتماداً على صلاحيات الخصوصية التي تمنحها تلك الشبكات للزوار.

أسباب ظهور الشبكات الاجتماعية:

• العزلة الاجتماعية:
• البطالة والرغبة بتحسين الظروف المهنية:
• جمع المعلومات واكتساب الخبرات:
• الدعاية والاعلان (التسويق).

تتميز الشبكات الاجتماعية الالكترونية عن مواقع الويب الأخرى بمجموعة من المميزات:

يحددها (حدادي وليدة، 2015).

• تعتمد مواقع الشبكات الاجتماعية على الصفحات الشخصية التي تحتوي على خانات للبيانات الشخصية للمستخدمين “السن، الإقامة…”، وتفضيلاتهم المختلفة وصورهم وملفاتهم المرئية، وتحتوي هذه الصفحات أيضا على مساحة للالتقاء والتواصل مع المستخدمين وقائمة عامة من الأصدقاء، إلا أن هذه الصفحات الشخصية تمكن المستخدمين من الظهور بالأسلوب الذي يريدونه أمام الآخرين، لذلك يسعى المستخدمون من خلالها إلى بناء صورتهم الذاتية أمام أصدقائهم وزملائهم، وتشكيل الانطباعات الشخصية عن أنفسهم عندما يدخلون في تفاعلات مع الآخرين، فمواقع الشبكات الاجتماعية إضافة إلى وظيفتها في تحقيق التواصل بين المستخدمين، فهي تحدد هويتهم الشخصية.
• تتميز مواقع الشبكات الاجتماعية بقدرتها على الحفاظ على العلاقات الاجتماعية لمستخدميها، حيث يستطيع المستخدمون البحث عن دائرة معارفهم وأصدقائهم باستخدام خاصية التصفح المتاحة في كثير من مواقع الشبكات الاجتماعية والتواصل معهم بشكل أو بآخر، فهي تقوي الروابط الاجتماعية الضعيفة للمستخدمين، بسهولة وبتكلفة مادية بسيطة، كما تسمح للمستخدمين بالتعرف على مستخدمين آخرين وتبادل الاهتمامات والمعلومات معهم، من خلال دعم طرق جديدة للاتصال بين أفراد المجتمع الافتراضي ،ذلك أن مواقع الشبكات الاجتماعية إضافة إلى مجانيتها وسهولة استخدامها، فهي تساعد في تحرير المستخدمين من القيود الكثيرة لبناء روابط اجتماعية جديدة، للوصول إلى مستخدمين يشاركونهم نفس اهتماماتهم.
• تتميز مواقع الشبكات الاجتماعية بطبيعتها الديناميكية من خلال توفير مساحات للتعبير عن الرأي لتجسيد التفاعلية بين مستخدميها وخلق نوع من الحوار والتواصل المستمر بين المستخدمين وأصدقائهم. ففي موقع ماي سبيس “Myspace” يطلق على هذه المساحة اسم التعليقات” Comments”، وأصبحت من الأمور الروتينية لدى المستخدمين الكتابة في الصفحات الشخصية لأصدقائهم، وفي موقع فيس بوك “Facebook” تعرف هذه المساحة باسم الحائط” Wall”.
• وتتنوع الخصائص الاتصالية في مواقع الشبكات الاجتماعية، فالبعض يمتلك تقنية تبادل الملفات المرئية والصور، والبعض الآخر يوفر خاصية المراسلة الفورية “Instant Messaging” والتدوين” Blogging”، كما تمتلك بعض المواقع خصائص الرسائل والبريد الإلكتروني وخدمات الدردشة “Chat” عن طريق الصوت والصورة ومجموعات النقاش “Groups”. ويشارك المستخدمون في العديد من الأنشطة الإبداعية في مواقع الشبكات الاجتماعية مثل الكتابة والتدوين وإبراز المواهب الفنية والمشاركة في مشروعات جماعية.

الخاتمة:

الشبكات الاجتماعية هي مجموعة من العلاقات بين الافراد التي تربط بينهم علاقات اجتماعية محددة بمجموعة من الضوابط والاخلاقيات.

كما أن وسائل التواصل الاجتماعي: هي أدوات تستخدم لتسهيل عملية التواصل بين الافراد في الشبكات الاجتماعية المختلفة.

المراجع:

• إدريس، معزة بشير عبدالله، و محمد، طارق عبدالكريم عبدالفضيل. (2014). تطبيق مفهوم برمجة الشبكات الاجتماعية (رسالة ماجستير غير منشورة). جامعة النيلين، الخرطوم. مسترجع من http://search.mandumah.com.sdl.idm.oclc.org/Record/833127
• بيسكوزوليدو، بيرنيس أ.، صياح، شرين صلاح محمد طه، عفيفي، أمينة محمد بيومي، و أبو الحديد، فاطمة علي. (2020). علم اجتماع الشبكات الاجتماعية. مجلة كلية الآداب: جامعة الفيوم – كلية الآداب، مج12, ع1 ، 121 – 155. مسترجع من http://search.mandumah.com.sdl.idm.oclc.org/Record/1090501
• حدادي، وليدة. (2015). الشبكات الاجتماعية: من التواصل إلى خطر العزلة الاجتماعية. دراسات: جامعة عمار ثليجي بالأغواط، ع36 ، 31 – 51. مسترجع من http://search.mandumah.com.sdl.idm.oclc.org/Record/701239
• حسين، هالة حجاجي. (2016). التنشئة الأسرية للمراهقين في ضوء تأثير وسائل التواصل الاجتماعي. دراسات عربية في التربية وعلم النفس – السعودية، الصفحات 517 – 538
• سوار الذهب، أسامة عثمان. (2012) الشبكات الاجتماعية واثرها على التسويق. المال والاقتصاد (بنك فيصل الإسلامي السوداني) – السودان، الصفحات 40-42
• الشدي، طارق بن عبدالله. (2010). منهجية تحليل الشبكات الاجتماعية. مجلة جامعة الملك سعود – الآداب: جامعة الملك سعود – كلية الآداب، مج 22, ع 2 ، 373 – 403. مسترجع من http://search.mandumah.com.sdl.idm.oclc.org/Record/478946
• عبادة، نور الهدى. (2016). شبكات التواصل الاجتماعي والعلاقات الاجتماعية: الفرص والتحديات. مجلة العلوم الإنسانية والاجتماعية: جامعة قاصدي مرباح – ورقلة، ع26 ، 287 – 294. مسترجع من http://search.mandumah.com.sdl.idm.oclc.org/Record/803899
• معتوق، خالد سليمان. (2017). استخدام تطبيقات وشبكات التواصل الاجتماعي أداة للتواصل التعليمي في تدريس علوم المكتبات والمعلومات من وجهة نظر أعضاء هيئة التدريس في الجامعات السعودية: دراسة تحليلية. مجلة مكتبة الملك فهد الوطنية – السعودية، الصفحات 202 – 253
• هارون، محمود طارق. (2015). الشبكات الاجتماعية على العنكبوتية: نشأتها وتطورها وخدماتها. مكتبات نت: ايبس كوم، مج16, ع2 ، 9 – 19. مسترجع من http://search.mandumah.com.sdl.idm.oclc.org/Record/759053